في30آذار من العام 1949 ولما يمض على استقلال سوريا عن فرنساوتأسيس الجيش السوري الا فترة وجيزة قام الزعيم حسنيالزعيم بتدشين بشائر الأنقلابات العسكرية في المنطقة وفيسوريا تحديدا .وبناء على نصيحة أحد الأخوة في الملتقىاليوم بالأبتعاد عن ذكر عيوب موتانا وباعتبار أن حسنيالزعيم انتقل الى جوار ربه فلابد لي من أمرين : اما أنأتوقف عن المتابعة أو الى جهنم وبئس المصيروبما أنالثلج يهطل خارجا عندنا وبغزارة قد تخفف قليلامن وهجاللهب فأسمح لنفسي أن أقول لارحمه الله فقد فتح علىوطننا بابا لم يغلق ل21 عاما عانت سوريا فيها من الأهوالمالم تعانيه من المستعمر وأدت فيما أدت الى تأخرنا عسكرياواقتصاديا وعلميا واجتماعيا .عسكريا تشتت الجيش وتشرذم مع أول انطلاقة له وبعد عودةمن عاد منه من حرب فلسطين ويشهد التاريخ أن نسبة الضباطالسوريين الذين استشهدوا في حرب 1948 في فلسطين تفوقنسبة الجنود على عكس الجيوش العربية الأخرى .وهذا شرفيسجل للجيش السوري ويثبت أنه في حال توفرت القيادة الجيدةأنتجت جيشا مقاتلا بشرف .أول مافعله حسني الزعيم بعد تعطيل الدستور وحل مجلس النوابووضع رئيس الجمهورية في السجن التفاته الى حفلات المجونوأعدم كل من حكم بالأعدام مسبقا ولم ينفذ به الحكم فنصبتالمشانق ووقع الرعب في الرعية الخارجة من النضال ضد فرنساوحرب فلسطين .واتى الزعيم بمحسن البرازي رئيسا للوزارة وهومن الشخصيات السورية البارزة .وقامت الحكومة بعدة اتفاقات أبرزهامع شركة نفط العراق البريطانية بمد أنبوب النفط عبرسوريا الىطرابلس في لبنان .وضاق الشعب بتصرفات حسني الزعيم الى أنأوقعه تصرفه الخاطىء حين قام بتسليم أنطون سعادة رئيس الحزبالقومي السوري الى رياض الصلح رئيس وزراء لبنان الذي أجرىلسعادة محاكمة فورية وأعدمه في الحال .وهنا حقد الضباط من القوميين في الجيش السوري على حسني الزعيمواتفقوا مع رئيس أركانه سامي الحناوي على انهاء حكمه وفي 14 آب من نفس العام قام عدد من الضباط باعتقاله واعدامه علىطريق مطار المزة المدني وقتها ثم توجهوا الى منزل محسن البرازيرئيس الوزراء وافتحموا منزله ,فاختبأ البرازي في غرفة يستعملهاكمخزن للحطب فألقوا القبض على ابنه الشاب مما اضطره لتسليمنفسه اليهم للحفاظ على حياة ابنه, فاقتادوه الى نفس المنطقة وأعدموهوانتهت مرحلة حسني الزعيم والتي دامت عدة أشهر لكنها فتحتبابا لم يغلق وادت الى النتائج السلبية على سوريا .والملفت للنظر أن السيدة مودة الجابري أرملة المرحوم محسن البرازيلم تترك دم زوجها البريء يذهب هدرا وبقيت تحرض ابن عم زوجها حرشو البرازي واستطاع أن يغتال سامي الحناوي في محل لبيعالنظارات في بيروت في محلة المزرعة, ثم اعتقله رجال الشرطةاللبنانية واستطاعت السيدة الجابري أن تفرج عن ابن عم زوجها من السجنبعد مقابلتها للملك سعود بن عبد العزيز أثناء زيارة له الى لبنان وبوساطة منه وانتهت فترة الشهورالخمسة وابتدأت فترة الأنقلابات السورية
نتيجة لتصاعد حركة الاحتجاجات والمقاومة ونمو ظاهرة التحرر الوطني والقومي في سورية إضافة إلى الصراع الإقليمي والدولي المتعدد المصالح والاتجاهات بين بريطانيا وفرنسا كمحور صراع أساسي يبرد حيناً ويسخن أحياناً (وهو صراع مفهوم على مناطق النفوذ منذ نهاية الحرب العالمية الأولى)، فضلاً عن دخول الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا في الفترة ما بين الحربين؛ كل هذه المعطيات الداخلية والإقليمية والدولية جعلت الحكومة الفرنسية تجد نفسها مضطرة لإعطاء بعض الحرية النسبية في البلاد وتسمح اعتباراً من عام 1925 بتشكيل جمعية تأسيسية ودستور أساسي ولكن بشرط أن يتم تشكيل أحزاب تشرف على تنظيم الحياة السياسية في البلاد.
وبالفعل فقد بدأ العمل بين الأرستقراطيين الدمشقيين والحلبيين وتم تشكيل حزب الشعب (الذي نادى بالسيادة الوطنية ووحدة سورية الطبيعية والديمقراطية وتشجيع الصناعة الوطنية) في أواخر نيسان 1925 وكان من ابرز قيادييه عبد الرحمن الشهبندر وفارس الخوري وإحسان الشريف وغيرهم.
وكذلك الأمر، في تشرين الأول 1927 صدر بيان باسم الكتلة الوطنية التي ضمت أبرز الزعامات المحلية من الوطنيين والقوميين في سورية مثل إبراهيم هنانو وهاشم الأتاسي وغيرهم.
وبالفعل ففي نيسان 1928 جرت أول انتخابات للجمعية التأسيسية وضعت دستوراً للبلاد اقره المفوض السامي الفرنسي في 14/5/1930 مع بقاء شئون البلاد الحساسة (كالجيش والجمارك والأمن العام والأمور الخارجية وغيرها) بيد المفوضية العليا الفرنسية.
ورغم دخول هذه الأحزاب ضمن اللعبة البرلمانية والدستورية فإنها قد استمرت في نشاطاتها المناوئة للانتداب الفرنسي بالاحتجاجات والمنشورات والإضرابات والمظاهرات، وكان أهمها الإضراب الخمسيني فيما بين 19/1 و8/3/1936 والذي وجدت بعده السلطة الفرنسية نفسها مجبرة على توقيع معاهدة 9/9/1936. لكن هذه المعاهدة كانت من وجهة نظر المعارضة لا تحمل صفة الاستقلال الحقيقي وهي تفرط بمسائل وطنية هامة (كمسألة لواء الاسكندرون وحدود لبنان مع سورية وغيرها)، وازدادت وتيرة الاحتجاجات ما جعل المفوض السامي الفرنسي في 8/7/1939 يوقف العمل بالدستور ويحل المجلس النيابي لتعود سورية تحت الحكم العسكري الفرنسي المباشر منذ عام 1939 وحتى أيلول 1941 حين سُمح من جديد بقيام حكومة وطنية ائتلافية من صفوف الكتلة الوطنية وحزب الشعب وبرز خلال هذه الفترة السيد شكري القوتلي كزعيم للكتلة الوطنية.
واستمر النضال الوطني ضد الانتداب الفرنسي واجتمع المجلس النيابي من جديد في 17/8/1943 والذي سيطرت عليه أغلبية من الكتلة الوطنية وانتُخب القوتلي رئيساً للجمهورية السورية والذي كلف بدوره سعد الله الجابري بتشكيل الوزارة، وكان لهذا البرلمان ولهذه الحكومة ولحكومة فارس الخوري التي أتت بعدها مواقف مشرقة، أهمها رفض توقيع معاهدة مع فرنسا (تتمتع فيها بامتيازات داخل سورية) فقامت السلطات الفرنسية في 29/5/1945 بقصف دمشق للضغط على القوتلي لكن الاستمرار والصمود (إضافة إلى الضغوط الخارجية من بريطانيا وهيئة الأمم المتحدة) جعلت فرنسا تدفع ثمنا باهظا، ما دفعها إلى الموافقة على الجلاء عن سورية في آذار 1946 وتنفيذ هذا التعهد في 17/4/1946.
وما لبثت فرنسا تخرج من سورية ولبنان حتى بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا تسعيان إلى مد نفوذهما إلى هذه المنطقة الحساسة. وطُرحت مشروعات غربية عدة، كان من أهمها مشروع "سورية الكبرى". إذ ما أن حصل الأمير عبد الله في 22/3/1946 على استقلال الأردن حتى أعلن نفسه ملكاً على المملكة الهاشمية وباشر بإحياء مشروع سورية الكبرى، وفي آب 1946 وجه دعوة إلى سورية ولبنان للعمل على تنفيذ هذا المشروع، وفي 2/9/1947 وبعد اجتماعات ومداولات عاصفة في أروقة المجلس النيابي وتحت قبته استنكر هذا المجلس في بيان أذاعه هذه الدعوة، وفي 29/9/1947 أعلن المجلس عن رفضه التام لهذا المشروع واعتبره (مشروعاً تتستر خلفه مطامح شخصية ويحمل في طياته تفجيراً لميثاق الجامعة العربية وقيوداً استعمارية تمس استقلال البلاد ونظام الحكم فيها).
كما طرح مشروع آخر هو مشروع "الهلال الخصيب"، ويتلخص في محاولة إقامة اتحاد فيدرالي بين الأردن والعراق وسورية ولبنان، ولاقى هذا المشروع نفس المصير الذي لاقاه المشروع الأول، ولم يجد أحدا يتعاطف معه باستثناء الحزب القومي السوري الاجتماعي. وكان فشل هذين المشروعين انتصاراً هاماً للمحور المصري السعودي على المحور العراقي الهاشمي، وكان للبرلمان السوري والقوى السياسية السورية دور كبير في تحديد مستقبل سورية وانحيازها الإقليمي والدولي.
أما الحركة العمالية التي ازدهرت بشكل كبير فقد استطاعت عبر إضرابات متواصلة الحصول على أول تشريع للعمل، هو قانون العمل رقم 279، الذي شكل في حينه انتصاراً كبيراً للطبقة العاملة السورية وخفف الظلم والاستغلال عن هذه الطبقة.
موقف آخر مشرف وقفه البرلمان السوري ضد مشروع المرسوم 50 لعام 1946 الذي اقترح منح وزير الداخلية سلطة واسعة في ترخيص الأحزاب السياسية والجمعيات والمطبوعات، وقد وقفت جميع التنظيمات السياسية ضد هذا المشروع واعتبرته مخالفا للدستور ونظمت المظاهرات العارمة، ورفضه البرلمان في جلسته بتاريخ 14/11/1946.
وكذلك خاض البرلمان مع الأحزاب السياسية معركة تعديل قانون الانتخابات، ما جعل حكومة جميل مردم أمام ضغط البرلمان والأحزاب تسحب مشروع القانون. وفي أيار 1947 طُرحت على البرلمان مسألة تمثيل الاقليات الطائفية وحدثت مناقشات عاصفة وخرج البرلمان بإرادة قوية بجعل الانتخابات تتم على أساس قومي دون أي تمييز بسبب الدين أو المذهب أو الطائفة وبالفعل صدر هذا بموجب مرسوم في 4/6/1947 وفي هذا الوقت انعقد المؤتمر التأسيسي لحزب البعث في 4/4/1947 واستمر لمدة ثلاثة أيام، ونتج عنه صدور أول دستور للحزب أقر في مادته الرابعة عشرة أن نظام الحكم الذي يتبناه البعث هو نظام نيابي دستوري والسلطة التنفيذية مسئولة أمام السلطة التشريعية التي ينتخبها الشعب مباشرة. وقد تم الانقلاب على هذا الدستور فيما بعد (عندما تسلل العسكريون إلى الحزب).
في 17/7/1947 جرت أول انتخابات في ظل الاستقلال وكانت نتيجة هذه الانتخابات مجلساً حوى أغلب التكتلات السياسية النشطة على الساحة السياسية السورية واحتفظ فيها الحزب الوطني بأربعين مقعداً، في حين حصل الأحرار أو الشعبيون على 30 مقعداً، ونجح أكرم الحوراني عن حزب الشباب ورشاد برمدا عن الحزب القومي العربي في حين سقط عفلق والبيطار بالإضافة إلى جميل مردم عن الكتلة الجمهورية إضافة إلى اكثر من 50 من المستقلين.
وكانت القضية الأولى التي ناقشها برلمان 1947 هي تعديل الدستور بجعله يتيح لشكري القوتلي إعادة انتخابه رئيساً للجمهورية أربع سنوات أخرى، وبعد جلسات هائجة من النقاش والأخذ والرد اقر المجلس بإجماع أعضائه هذا الاقتراح في 18/4/1948 ووقف البعث حينها في المعارضة لهذا الاقتراح من خارج البرلمان واعتبر إعادة ترشيح القوتلي تجديداً للحكم الديكتاتوري ؟!!
ومن المواقف المشهودة للبرلمان السوري رفضه بالإجماع جميع مشروعات تقسيم فلسطين ودعوته الجماهير إلى التطوع في جيش الإنقاذ ووجوب مشاركة الجيش السوري في تحرير فلسطين. وبعد الهزيمة حمل البرلمان حكومة مردم مسئوليتها واتهمها بالفساد في تجهيز الجيش وبسرقة المجهود الحربي، وتحت الضغط البرلماني استقال الشراباتي (وزير الدفاع). ونتيجة للنقد المتزايد قام مردم بتعطيل عقد جلسات البرلمان، لكنه اضطر في النهاية بتاريخ 21/8/1948 إلى تقديم استقالة حكومته وتشكيل حكومة جديدة في 23/8/1948.
وكان من أهم نتائج النكبة على الصعيد الوطني بروز ظاهرة تدخل العسكريين في شئون الحكم وتحميلهم القوى التقليدية المسيطرة على البرلمان والحكومة (الوطني - الجمهوري - الشعب) مسئولية الهزيمة. وكان المجلس النيابي انعكاسا حقيقيا للجو السياسي المكهرب في البلاد ولم تخلُ جلساته من المشادات والاتهامات والمشاحنات الكلامية وأحيانا البدنية وتدخلت قوى الشرطة اكثر من مرة لفض هذه الاشتباكات.
وكان من نتيجة هذا الجو المشحون أن أجرى القوتلي حوارا شاملا مع ممثلي كل التنظيمات السياسية والحزبية في القصر الجمهوري بتاريخ 31/11/1948 دعاهم من خلاله إلى الوحدة الوطنية والى الاشتراك في وزارة ائتلافية وطنية تخرج بالبلاد من أزماتها. وبالفعل انهارت حكومة مردم الثانية وقدمت استقالتها في 1/12/1948 وكلف هاشم الاتاسي بتشكيل الوزارة الجديدة.
والملاحظ هنا أن شكري القوتلي - الزعيم المحنك الوطني المعروف - والذي كان ينتمي إلى الحزب الوطني قد استطاع أن يكون رئيساً للجميع وأن يقف على مسافات متساوية من كل القوى والتشكيلات السياسية والحزبية، ما أظهره بمظهر الزعيم الوطني الحيادي أمام الجماهير السورية بأسرها وأكسبه احترام وتجاوب الجميع معه. ولعل تكليفه هاشم الأتاسي المنتمي إلى حزب الشعب - العدو التقليدي لحزبه والمناقض التاريخي لمشروعه - كان من اكثر المواقف دلالة على هذا الموقع المتألق الذي احتله في تاريخ الحكم السياسي في سورية، إضافة إلى استقالته لصالح الرئيس جمال عبد الناصر أثناء الوحدة، وغيرها من المواقف النادرة التي يجب أن تُذكر للتاريخ.
ومن المواقف المشرقة للبرلمان السوري رفضه التصديق على اتفاقيتي النقد مع فرنسا والتابلاين مع أمريكا، وكذلك التحقيق مع العديد من العسكريين بتهم الفساد والاختلاس داخل الجيش. وكل هذا كما سنرى عجل في سعي العسكريين للانقضاض على الحكم المدني البرلماني وهذا ما حصل فعلاً مع انقلاب حسني الزعيم في آذار 1949. وبالفعل ففي 30/3/1949 وبأمر من العقيد حسني الزعيم قامت فصائل من الجيش بمحاصرة مباني رئاسة الدولة والبرلمان والوزارات واعتقل شكري القوتلي ورئيس الوزارة خالد العظم.
وكان من أولى المهام التي أنجزها العقيد القادم من الثكنات التوقيع على الاتفاقيتين اللتين رفضهما البرلمان سابقاً في 21/4/1949 للاتفاقية الأولى وفي 16/5/1949 للاتفاقية الثانية، ثم وقع اتفاقية الهدنة مع إسرائيل بتاريخ 20/7/ 1949 ما يشير بشكل واضح إلى دور المخابرات الفرنسية والأمريكية في هذا الانقلاب.
كما أنه أوقف التحقيقات البرلمانية مع الضباط المتهمين بالفساد، وأطلق سراح انطون بستاني المتهم الأساسي في قضايا الفساد في تموين الجيش وأعاده إلى منصبه وكان لرئيس حزب الشعب (الكيخيا) مقولة شهيرة في هذا الانقلاب عندما قال "ستعيش سورية 50 سنة على الأقل من الألم والاضطهاد من اجل أن تقضي على هذا الداء الذي أصيبت به"، ويقصد بالمرض هنا الانقلابات العسكرية.
قام الزعيم في 3/4/1949 بحل البرلمان وشكل لجنة دستورية لوضع دستور جديد ومشروع قانون انتخابي جديد وأعلن أن انتخاب رئيس الجمهورية سيتم بالاقتراع السري من الشعب مباشرة وليس من مجلس النواب وبدأت فكرة المرشح الوحيد بالظهور، إذ كان الزعيم هو المرشح الوحيد ونال النسبة الشهيرة 99.99 في المائة في انتخابات 25/6/1949 وبدأت أجهزة المخابرات بالنمو والتضخم، والتدخل العسكري في شئون البلاد بالنمو والتعاظم، وسجن الزعيم أغلب القيادات السياسية وعذبهم مثل الكيخيا والأتاسي وعفلق والبيطار وجلال السيد وغيرهم الكثير من القيادات الحزبية والشعبية والسياسية في تلك الفترة.
كما قام بتسليم انطون سعادة إلى لبنان لإعدامه، وبدأ بالاعتماد على الاقليات والجيش والمخابرات في حكمه. كل هذا عجل حدوث الانقلاب العسكري الثاني في تاريخ سورية الحديث، وهو انقلاب سامي الحناوي في 14/8/1949 حيث اعدم الزعيم والبرازي. وتشير المصادر إلى دور المخابرات البريطانية في هذا الانقلاب، وقد أعلن الحناوي منذ بداية انقلابه أن الجيش سيقوم بإنقاذ البلاد من الطاغية ثم سيعود إلى ثكناته وبالفعل فقد قام ببعض الخطوات، إذ أصدر قرارا برفع الحظر عن الأحزاب السياسية عدا الشيوعي والتعاوني الاشتراكي وشكل وزارة ائتلافية ضمت وزراء من حزب الشعب والحزب الوطني وحتى حزب الشباب وحزب البعث، وتم وضع قانون انتخابي جديد أكثر تطوراً من الذي سبقه وجرت انتخابات جديدة في 15/11 أسفرت عن نجاح 43 مرشحاً من حزب الشعب و42 مستقلاً نصفهم مناصرون لحزب الشعب ونجح مرشح واحد عن حزب البعث هو جلال السيد ومرشح واحد أيضاً عن الحزب القومي السوري و13 مرشح عن الحزب الوطني و4 مرشحين عن الجبهة الإسلامية ومرشح واحد عن حزب الشباب هو اكرم الحوراني.
وفي 14/12 انتخب هاشم الأتاسي رئيساً مؤقتاً للجمهورية، ريثما يتم تعديل الدستور. ومن المواقف الهامة التي اتخذها هذا البرلمان الجديد كان في الجلسة الرابعة في 17/12 حيث تمت مناقشة نص القسم الذي سيؤديه رئيس الجمهورية إذ قدم مؤيدو الاتحاد العراقي السوري نص القسم التالي: "أقسم بالله العظيم أن احترم قوانين الدولة وأحافظ على استقلال الوطن وسيادته وسلامة أراضيه وأصون أموال الدولة واعمل على تحقيق وحدة الأقطار العربية". وقد لاحظ المعارضون لهذا الاقتراح حذف الإشارة إلى المحافظة على النظام الجمهوري، ما فسره المعارضون على انه محاولة لتمهيد الطريق أمام مشروع وحدة سورية والعراق تحت عرش الوصي العراقي عبد الإله وتمت مناقشات ساخنة وصاخبة وكان من أهم المعارضين لهذا المشروع ممثلو الكتلة الإسلامية وعلى رأسهم السيد مصطفى السباعي وحزب الشباب مع كتلة أخرى سمت نفسها بالكتلة الجمهورية. لكن هذه المعارضة فشلت نظراً للأغلبية التي كانت يحظى بها حزب الشعب المؤيد للاتحاد مع العراق داخل هذا البرلمان.
ولم يطل العهد المنفتح نسبيا على سورية إذ سرعان ما قام الجيش بقيادة العقيد أديب الشيشكلي في 19/12 بالانقلاب الثالث في سورية واعتقل الحناوي وصهره اسعد طلس ومرة جديدة كان للاستقطاب الإقليمي بين المحورين الهاشمي من جهة والسعودي المصري من جهة ثانية دور وراء هذا الانقلاب وكان البلاغ الثاني للانقلاب في 26/12 واضحاً، إذ أعلن أن مشروع الاتحاد مع العراق هو مشروع استعماري الهدف منه القضاء على استقلال سورية وإنشاء عرش جديد يبعد هدف تحقيق الوحدة المنشودة.
ومن المواقف الهامة التي ناقشها البرلمان في هذه المرحلة كان مسألة علمانية الدولة ففي 22/7/1950 نوقشت بإسهاب المادة الثالثة من الدستور التي نصت على أن دين الدولة هو الإسلام حيث وقف ممثلو حزب البعث والشباب (وقد أصبح اسمه حينها العربي الاشتراكي) والحزب القومي السوري والحزب الشيوعي وبعض عناصر حزب الشعب إلى جانب وجوب أن تكون الدولة علمانية، أما التيار الثاني فقد تزعمته الجبهة الإسلامية وعلى رأسها الإخوان المسلمون، والحزب الوطني وبعض عناصر حزب الشعب، وأصر أنصار هذا التيار على وجوب بقاء المادة على ما هي عليه، وبالفعل فقد حقق أنصار التيار الأول نصرا نسبيا حيث عدلت المادة الثالثة من الدستور وأصبحت "الفقه الإسلامي هو المصدر الرئيسي للتشريع".
لكن عودة حزب الشعب بقوة إلى البرلمان والوزارة وخاصة بعد أن اضطر الرئيس هاشم الأتاسي إلى تشكيل وزارة جديدة برئاسة الدواليبي وبأغلبية شعبية وبعد تهديد مواقع العسكريين داخل الحكم قام الشيشكلي في 28/11/1951 بانقلابه الثاني واتهم الشيشكلي في بلاغه بأن الجيش استلم زمام الأمن في البلاد وبان حزب الشعب يتآمر على البلاد ويسعى إلى تخريب جيشه وإعادة الملكية ثم قام بحل البرلمان وبذلك يكون قد وجه ضربة مضاعفة إلى حزب الشعب وتسلم بنفسه مهام السلطتين التشريعية والتنفيذية.
ثم قام في 15/1/1952 بحظر نشاط الحزب الوطني وحزب الشعب والإخوان المسلمين والتعاوني الاشتراكي وأغلق مكاتبهم بالشمع الأحمر وأبقى على نشاط البعث والعربي الاشتراكي، ولكن سرعان ما قام في 6/4 من نفس العام بإجراء حظر عام على كل الأحزاب دون استثناء وعادت الأحزاب إلى النضال السري ضد "ديكتاتوريته". وقام الشيشكلي بتشكيل حركة سياسية خاصة به سماها "حركة التحرير العربي" التي انتخبته مسئولاً أول في مؤتمرها التأسيسي الذي عقدته في حلب بتاريخ 25/7/1952 ثم قام بتعديل الدستور بتاريخ 21/6/1953 وفيه حول النظام الحكومي من نظام نيابي إلى نظام رئاسي وقام بإجراء استفتاء عام بتاريخ 10/7/1953 نجم عنه الموافقة على التعديل ونجاح الشيشكلي المرشح الوحيد للرئاسة وكان من ابرز المؤيدين للشيشكلي إضافة إلى الحزب الذي شكله هو الحزب القومي السوري الاجتماعي.
في 30/7/1953 أصدر الشيشكلي قانونا جديدا للانتخابات خفض فيه عدد أعضاء البرلمان إلى 82 عضوا وسمح بعودة النشاط الحزبي مستثنياً الحزب الشيوعي. لكن القوى السياسية قاطعت الانتخابات باستثناء حركة التحرير التي حصلت على 72 مقعداً. أما المقاعد الباقية فكانت للقوميين السوريين وللمستقلين وانتخب مأمون الكزبري رئيساً لمجلس النواب. وقد شهدت سورية في هذه الفترة مرحلة خصبة من العمل السياسي بالمظاهرات والإضرابات والبيانات والحشود الجماهيرية ضد "ديكتاتورية الشيشكلي" فقام الشيشكلي بإعلان الأحكام العرفية واعتقل أغلب القيادات السياسية للأحزاب ومنهم (الكيخيا وعدنان الأتاسي والجابري والعسلي وعفلق والحوراني والبيطار) ووضع هاشم الأتاسي تحت الإقامة الجبرية ثم تراجع عن قراراته وشعر بالعزلة لكنه لم يستطع، إذ داهمه الانقلاب الرابع في 25/2/1954 ليضع نهاية لمرحلة الشيشكلي في سورية.
وقد تم هذا الانقلاب بالتعاون بين الأتاسي واتباعه داخل الجيش مع مصطفى حمدون وبعض الضباط البعثيين، وكان نتيجة الانقلاب استقالة الشيشكلي وسفره إلى بيروت وعودة الاتاسي لممارسة صلاحياته كرئيس للجمهورية (ثم عاد شكري القوتلي إلى الرئاسة بعد انتهاء فترة رئاسة الأتاسي في 18/8/1955)، وفي هذه الفترة كان المد القومي في اوجه بعد نجاح ثورة 23 تموز في مصر، وبدأت الحركات القومية في سورية تتخذ مكان الصدارة وتزداد قوة واتساعا وكان الوقوف ضد المشروعات الاستعمارية في أوجه، ولا سيما مشروع ايزنهاور، وكذلك الوقوف مع مصر ضد العدوان الثلاثي وطرح مسألة الوحدة مع مصر وكذلك مواجهة التهديدات التركية لسورية وبلغ الشعور الوحدوي مداه بعد نزول طلائع القوات المصرية في ميناء اللاذقية في تشرين الأول 1957.
أما على الصعيد البرلماني فمن المواقف التي اتخذها البرلمان في 27/6 أنه أقر المجلس قانون الانتخابات الجديد وتم فيه زيادة عدد النواب إلى 142 كما اقر نظام الاقتراع السري وحدد موعد الانتخابات في 20/8/1954.
في 30/7 أعلن الحزب الوطني مقاطعة الانتخابات احتجاجاً على تدخل الضباط البعثيين في شئون السياسة وتجاوز مهامهم خارج حدود ثكناتهم وهاجم انتشار الحزبية داخل الجيش ما أبعد الجيش عن أداء واجبه المقدس في الدفاع عن الوطن وقد قام الأتاسي بتأجيل موعد الانتخابات من 20/8 إلى 24/9 لإقناع الحزب الوطني وحزب الشعب لدخول الانتخابات وبالفعل قرر حزب الشعب العودة عن قراره مقاطعة الانتخابات حيث قرر في 18/8 دخولها وكذلك الحزب الوطني.
وقد جرت الانتخابات على جولتين وعكست بشكل واضح تقدم الحركة القومية العربية والحركة اليسارية فحصل البعث على 16 مقعداً في حين حصل حزب الشعب على 30 مقعداً، أما الحزب الوطني فقد حصل على 19 مقعداً. وشهد هذا البرلمان في مناقشاته صراعا مريرا بين اليمين واليسار، وتجلى هذا الصراع في مناقشة مشروع الموازنة لعام 1955 وركز البرلمان الجديد على البرامج الاجتماعية والاقتصادية للحكومة وكان لاغتيال عدنان المالكي في 22/4/1955 أثر كبير على نمو وازدهار الحركات القومية واليسارية وتراجع الحزب القومي السوري وضرب قواعده واعتقال كوادره.
وفي 5/2/1958 وافق البرلمان على قرار تاريخي بالمصادقة على اتفاقية الوحدة وتحويل سورية إلى إقليم شمالي في الجمهورية العربية المتحدة وترشيح جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية، وحلت الأحزاب السياسية في سورية نفسها. وسرعان ما بدأت الخلافات بين البعث وقيادة عبد الناصر، وأعاد البعث تنظيم صفوفه وبدأت نشراته بالظهور والتهجم على سياسات عبد الناصر.
وفي 21/2 جرى الاستفتاء على الدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة الذي نص فيما يختص بالسلطة التشريعية على أن يتولاها مجلس سمي بمجلس الأمة على أن يكون نصفه من مجلس النواب السوري والنصف الآخر من مجلس الأمة المصري، ولم تدم هذه الوحدة التاريخية طويلا فسرعان ما انقض عليها العسكريون مرة أخرى وبتشجيع مباشر من البعثيين المدنيين والعسكريين والقوى الرجعية والشيوعيين وبدعم إقليمي وخارجي توضح من خلال الاعتراف السريع بولادة سورية المنفصلة من جديد.
بعد الانفصال ولدت الحركة الناصرية على خريطة الحياة السياسية في سورية وبدأت التنظيمات الناصرية بالظهور وترافقت مع تصاعد الحركة الجماهيرية التي لم تهدأ للقضاء على حكم الانفصال.
في كانون الأول 1961 جرت انتخابات جديدة للبرلمان السوري اشترك فيها اكثر رجالات الأحزاب المنحلة (الوطني والشعب والبعث الإخوان والقومي السوري) وكلف الدواليبي في 20/12 بتشكيل الوزارة فشكلت بأكثرية من حزب الشعب والحزب الوطني وتقدمت هذه الوزارة إلى البرلمان بمشروع جديد لإلغاء التأميم وتعديل قانون الإصلاح الزراعي واستطاعت الحصول على موافقة البرلمان رغم بعض الاعتراضات من كتلة البعث (8 مقاعد) ورغم الاحتجاجات الجماهيرية الغاضبة.
وفي 28/3/1962 قام النحلاوي بانقلاب عسكري حل فيه البرلمان وأقال حكومة الدواليبي وزج بأكثر أعضائها في السجن وبدأت الحياة الديمقراطية في سورية تدخل من جديد النفق المظلم الذي سيرافقها طويلا منذ ذلك التاريخ. ورغم أن النحلاوي حاول مد يده إلى الناصريين فإن التنظيمات الناصرية رفضت كل تعاون مع أي نظام انفصالي لا يعلن إعادة الوحدة فوراً مع مصر، وبدأت حركة العصيانات المدنية والعسكرية تتصاعد ما اضطر القيادة العسكرية الجديدة إلى أن تفرج عن المعتقلين وان تسمح بالنشاط الحزبي وحرية الصحافة والتظاهر، وأن تعيد تأميم معمل الغزل والنسيج التابع للشركة الخماسية وان تلغي التعديل الذي أجرته حكومة الدواليبي على قانون الإصلاح الزراعي وان تعيده كما كان أثناء فترة حكم الوحدة.
وكانت حركة 8 آذار 1963 بمثابة رصاصة الرحمة على حكم الانفصال المتهاوي وتشكل بعدها مجلس وطني لقيادة الثورة سيطر عليه العسكريون بقيادة اللواء لؤي الأتاسي وبدأ البعث يقوي نفوذه داخل مؤسسات الدولة ولا سيما الجيش وترافق ذلك مع ظهور مفهوم الحزب القائد والنظام الديمقراطي الشعبي والقضاء على أعداء الشعب. وتحت لافتة هذه الشعارات قمعت المظاهرات بشراسة والتي كان ينظمها الناصريون من أجل الضغط باتجاه إعادة الوحدة مع مصر وانتهى الأمر بمجزرة 18/7/1963 إثر محاولة الانقلاب الفاشلة لجاسم علوان ومن ثم حدثت القطيعة النهائية بين الناصريين والبعثيين.
وبدأ البعث يقدم نموذجا للحكم يتناقض كليا مع ما كان يناضل من اجله في الأربعينات والخمسينات، وبدأ بقمع الحركات الاحتجاجية واصدر مجلس قيادة الثورة في 26/4/1964 قانونا يعتبر فيه إغلاق المحلات بغاية الإضراب جريمة تستوجب عقوبة 20 عاما داخل السجن إضافة إلى مصادرة المحل.
واتضح في حزيران 1965 شكل نظام الحكم الذي اقره المؤتمر القطري الاستثنائي لحزب البعث الذي أوصى بأن يتولى مجلس قيادة الثورة الذي يسيطر عليه العسكريون السلطة التشريعية والإشراف على السلطة التنفيذية. كما اعتبر أن التنظيم السياسي في سورية هو حزب البعث وهو الحزب القائد وكل السلطات عليها أن تنفذ مبادئ هذا الحزب ومقررات مؤتمراته.
وبعد حركة 23/2/1966 تحولت السلطة المطلقة من المجلس الوطني لقيادة الثورة إلى القيادة القطرية لحزب البعث التي أصبحت مصدر كل السلطات وأصبح المؤتمر العام للحزب هو البرلمان الذي يرسم السياسة العامة للحكومة. وبعد النضال الطويل الذي خاضه البعث من اجل الديمقراطية والحياة النيابية أصبح الفهم البعثي الجديد للديمقراطية أنها "بناء وليست نظام حكم". وجاءت المنطلقات النظرية للحزب بعد 8 آذار تحمل نفس رائحة كتاب "ما العمل" الذي ألفه لينين، وساد وقع الحزب الواحد أو كما يفضل البعثيون أن يسموه "الحزب القائد"، واستمر الوضع على حاله من القمع والاستبداد حتى 16/11/1970 بعد انقسامات وصراعات مريرة بين العسكريين داخل البعث.
وحاولت الحركة التصحيحية أن تؤسس لنفسها شرعية دستورية، إذ انفتحت نسبياً على القوى الناصرية والشيوعية وعينت مجلس شعب مؤقتاً تألف حينه من 173 عضواً، وهو (رغم أنه كان مجلساً معيناً) فإنه كان أول برلمان في ظل حكم البعث وتم وضع دستور دائم للبلاد والتوقيع على ميثاق الجبهة الوطنية التقدمية في 7/3/1972.
ومنذ عام 1970 وحتى اليوم تحول البرلمان السوري إلى مؤسسة تعيش عطالة شبه كاملة وأي صوت نيابي يتعرض لسياسات الحكومة والنظام يتم قمعه بشدة، وهذا ما حصل مؤخراً مع النائبين المستقلين مأمون الحمصي ورياض سيف اللذين رُفعت الحصانة عنهما في ليلة وضحاها عندما تجاوزا الخطوط الحمراء، بتعرض سيف لموضوع الهاتف النقال واتهامه الحكومة بإجراء صفقته تحت الطاولة وتأسيسه منتدى الحوار الوطني رغم رفض السلطات إعطائه الترخيص ومشاركته الفعالة في لجان إحياء المجتمع المدني وفي الجمعية السورية لحقوق الإنسان وإعلانه عن رغبته في إنشاء حزب ليبرالي جديد. في حين قام الحمصي بتنظيم اعتصام في مكتبه وبتوزيع بيان يطالب فيه بالحريات العامة وسيادة القانون ومحاربة الفساد وإعادة الهيبة إلى البرلمان. فحُكم على الاثنين بخمس سنوات سجن لكل منهما.
وسبق ذلك حدث ملفت مع النائب منذر الموصلي حين ناقش تعديل إحدى مواد الدستور في حزيران 2000 حيث هاجمه رئيس المجلس واتهمه "بأن نفسه أمرته بالسوء فردعها"، وما عدا ذلك فإن المجلس لم تتخط مناقشاته تلك القبة التي لم يعد يكترث بها أحد.
أما الانتخابات النيابية فقد تحولت إلى احتفالات كرنفالية وفلكلورية تعقد فيها الدبكات وتوزع القهوة المرة وتُقام الولائم وتوزع علب السمن وأكياس الأرز دون أي برامج انتخابية أو لقاءات جماهيرية حقيقية وتحول المجلس في عيون الناس إلى مكان للحصول على الامتيازات، للحصول على رخصة استيراد سيارة أو من أجل "البروظة" والوجاهة العشائرية وكثيراً ما يلمز المواطنون بالمجلس بكلمة "موافقين"، إشارة إلى الدور الذي يقوم به البرلمان في الموافقة فقط على ما تطلبه منه الحكومة.
لقد عاشت سورية منذ نهاية العشرينات وبداية الثلاثينات تجربة برلمانية مثيرة وفريدة، كانت بكل عجرها وبجرها ترسم صورة الحياة السياسية في سورية. وقد شهدت هذه التجربة أحوالا متناقضة من الصعود والهبوط في مواقفها وخطها البياني وعبرت من خلال هذا الخط عن تطور الحالة الديمقراطية في سورية.
والسؤال المطروح اليوم هو عن البرلمان الجديد الذي سنكون على موعد مع استحقاق انتخاباته بعد شهور قليلة، وهل سيكون هذا البرلمان علامة فاصلة في هذا التاريخ العريق أم أنه لن يكون اكثر من مجرد موعد اعتدنا مجيئه كل أربع سنوات وموسم للخطاطين والمطابع وبائعي الزهور ليس أكثر؟
لا شك أن العهد الجديد بقيادة الرئيس بشار الأسد قد أشار في خطاب القسم إلى تطوير هذه المؤسسة التشريعية الهامة، ولا شك أن تطويرها وإشرك الرأي الآخر فيها أمر حيوي في مسيرة التطوير والتحديث التي عنون فيها المرحلة القادمة في سورية. فهل سيكون الاستحقاق المقبل محطة فاصلة في هذا العنوان لإعادة البرلمان إلى الناس وإعادة الناس إليه؟ أم سيبقى البرلمان بالنسبة للناس مجرد برنامج أسبوعي تحت عنوان "الكلمة الحرة" كثيرون ممن هم مثلي لا يشاهدونه إطلاقاً!!
__________
* كاتب وناشط سوري في الدفاع عن حقوق الإنسان - حلب
مراجع: الحركة القومية في سورية 1948 - 1967 (د. نجاح محمد)، الأحزاب والحركات القومية العربية (جمال باروت مع بعض الباحثين)، في سبيل البعث (ميشيل عفلق)، مذكرات أكرم الحوراني، الهزيمة والأيديولوجية المهزومة (ياسين الحافظ)، الصراع على سورية (باتريك سيل)، نضال البعث (منشورات البعث)، مقررات المؤتمرات القطرية والقومية لحزب البعث.
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment